( زواج على ورق بردي ) ـ ملحمة رومانسية
صفحة 1 من اصل 1
( زواج على ورق بردي ) ـ ملحمة رومانسية
المكان: على ضفاف حابي..
الزمان: بينما تسلم الشمس أشعتها للمغيب..
التقت أعين (حور) و(تي) في نظرة طويلة.. ثم أشاحت (تي) بوجهها بعيداً عنه في خجل، وتظاهرت بأنها تتابع الشمس الآفلة.. ناولها زهرة " لوتس " يانعة فقربتها من أنفها الدقيق، وتشممت عبيرها ثم ابتسمت..أما هو فقد ضغط يدها في هيام ثم هب من مكانه أمام عينيها فجأة، بشكل أثار ذعرها.. قبل أن يتطلع إلي الشمس فاردًا ذراعيه عن آخرهما صائحًا:
ـ (آآآآتوووون) يا حارس الشمس.. لا تغرب قبل أن تشهد على أن حبي لـ(تي) خالدٌ لا يغرب أبدًا يا (آآآآآآآآتوووووووووو..... آآآتششووو... وووون)..
* * *
المكان: على ضفاف حابي
الزمان: بعد مرور موسم فيضان .. بينما تسلم الشمس أشعتها للمغيب..
تطلع (حور) بهيام شديد نحو (تي).. التي أطرقت برأسها إلى الأرض وقد ضارعت حمرة الخجل في ملامحها حمرة الشفق.. ناولها زهرة " لوتس " يانعة فقربتها من أنفها الدقيق وتشممت عبيرها ثم ابتسمت..
ضغط يدها في هيام وكاد يهب من مكانه متطلعًا إلى الشمس مباشرة، فجذبته علي الفور وقد أدركت نيته ثم قالت بلا تردد:
ـ تعال كلم بابا..
* * *
المكان: على ضفاف حابي..
الزمان: بعد مرور أربعة مواسم فيضان كاملة.. بينما تسلم الشمس أشعتها للمغيب..
تطلع (حور) بهيام شديد نحو (تي) التي تطلعت له في ملل، ثم ضغطت أسنانها في حنق وجاهدت لترسم على ملامحها ابتسامة.. ناولها زهرة " لوتس " يانعة، فتحكمت في أعصابها ببسالة نادرة وقربتها من أنفها الدقيق لتتشمم عبيرها ببطولة..
ضغط يدها في هيام.. وهب من مكانه.. فأمسكت بتلابيبه مزمجرة:
ـ لااااااا.. لحد كدا وكفاية..
ثم ألقت زهرة اللوتس من يدها أرضًا، قائلة في شراسة عجيبة:
ـ وآدي زهرة اللوتس بتاعتك.. لما أشوف إيه أخرتها معاك..
ارتد (حور) للخلف كالمصعوق وهو يتطلع نحوها.. قبل أن يقول ذاهلا:
ـ (تي) !!!! مالك يا حبيبتي؟!!
ـ يا بجاحتك يا أخي.. وأنت خليت فيها (تي)؟! يا أخي حس باللي إحنا فيه.. وبدل ما كل شوية تجيبني هنا وتعمل لي فيها (روم ـ يو) وتسمعني الكلمتين بتوع كل مرة.. حس على دمك وشوف لك صرفة بدل ما أنت قاعد تسبل لي عنيك دي..
عدل منظاره الحجري السميك الذي ارتداه مؤخراً والذي لم يعد يرى إلا من خلفه بصعوبة.. ثم ازدرد لعابه في صعوبة أشد وهو يقول لها:
ـ مالها عينيا؟!.. وبعدين يا (تي) صدقيني هما اللي مسبلين لوحدهم ما أنتِ عارفة إني عندي ارتخاء في الجفن و ما عدتش بشوف أساسًا..
شدت شعرها في غل وهي تصرخ:
ـ يا بني آدم افهم.. افهم.. ولا عايزني أسمعك الإسطوانة كل شوية..
ـ لا يا حياتي أنا حافظها.. تحبي أسمعها؟!.. إحنا لازم نشوف لنا صرفة بسرعة عشان نعرف نتجوز.. الأهرامات غليت والإيجار نار والأسعار في السما و....
ثم ابتسم في فخر مضيفًا:
ـ مش قلتلك حافظها..
ـ يالهوىىىىىىى... يعني أعمل فيك إيه؟!.. أقولك أنا هولع في نفسي.. وليه؟!.. أنا من بكرة هوهب نفسى لكهنة حابي.. أخليهم يرموني فيه عشان أستريح.. ماهو أحسن من إني أموت من الضغط ولا تجيني نوبة عصبية أموت فيها وأبقى رحت بلاش.. أنت شلتني يا راجل شلتنيىىىىىىىىىى..
ـ يا (تي) متعمليش في نفسك كده.. صحتك يا حياتي.. ولا عايزاني أعنس من بعدك لو بعد الشر بعد الشر صابتك الحمى البابلية ولا الحول الفينيقى، ولا جالك العته الآشوري.. ده بالذات منتشر في عيلتكم.. مش هتحمل الصدمة وممكن أنتحر وراكي..
ثم حمل زهرة " اللوتس " مرة أخرى بوداعة شديدة من على الأرض ومد بها يده نحو أنفها قائلا:
ـ خدي يا (تي) شمي زهرة اللوتس دي صدقيني هتهدي علي طول..
تناولتها منه في شراسة مخيفة ثم ألقتها على الأرض مرة أخرى وهي تصرخ:
ـ أنت فاكرني مراهقة معلقها من المعبد الفني الصناعي، وهتضحك عليها بزهرة لوتس.. لا يا أخويا مش أنا اللي تضحك عليها بشمة "لوتس".. وآدي زهرة اللوتس بتاعتك يا جبلة يا للي ما بتحسش..
ثم راحت تدهمها بقدمها في عصبية وهو يتابعها في براءة شديدة، حتى انتهت من سحقها، فمد يده إلى ردائه وأخرج واحدة أخرى..
ـ كده بوظتي الزهرة يا (تي)؟! كويس إنى معايا واحدة تانية..
أحست (تي) أنها على وشك الإصابة بالعته الآشوري بالفعل.. حتى أن يدها كادت تمتد نحو حجر بجانبها لتضربه في رأسه، لكن بقايا عقل لديها استحرمت أن تذهب إلى السجن ويجلدها الكهنة فتضيع حياتها في أبله مثله، حتى أنها قد تراجعت في اللحظة الأخيرة مسيطرة على أعصابها بصعوبة وهي تقول:
ـ يا (حور) يا حبيبي حاول تفهمني.. إحنا بقى لنا قد إيه مخطوبين؟!!
ـ عايزة الصراحة؟!! ولا هتزعلي زي كل مرة وتقولي إني بأكبر سنك قدام الناس؟!!
فقالت وهي تضغط علي أسنانها حتى كادت تحطمها:
ـ لا يا (حور) أنا بتكلم أنا وأنت بس.. يعني مفيش حد هنا.. قول الحقيقة م الآخر..
فقال لها بابتسامة بلهاء:
ـ من موسم الفيضان قبل قبل قبل اللى فات يا (تي).. لما جبتلك " ثور " مهر فاكرة؟!! كانت أيام حلوة.. بس ليه صحيح بتسأليني السؤال ده يا حياتي؟!!
أطبقت على زمارة رقبته فجأة وهي تصرخ من جديد:
ـ وهو موسم الفيضان ده مر بعده كام موسم فيضان؟! وكمان فرحان بالثور اللي جبته.. ده كان من غير قرون وديله مقطوع، والكهنة حذرونا إنه نحس.. قام أبويا حالف ما هو بايت فى البيت يوم واحد ورماه في حابى للتماسيح المقدسة.. ثم التفتت مخاطبة نفسها بغل:
ـوانا اقول اللعنة اللى حطت علينا جت منين ؟!! حتى التماسيح قرفت منه...
قالتها ثم التفتت نحوه مجددا صارخة:
ـ يعني مش فاهم ولا بتستعبط؟!!
خرج صوته متحشرجًا بصعوبة وكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة وهو يقول:
ـ وحياتك يا (تي) ما بستعبط.. كح كح كح كح.. سيبيني يا (تي) همووووووت.. أنا لسه محوشتش مصاريف التحنيط..
ـ أنت لاقي تاكل لما هتتحنط يا عرة الفراعنة.. أنت آخرك تترمي في مقابر الشحاتين..
ـ كح كح كح.. يا (تي).. طب فهمينى.. كح كح كح.. زعلانة من إيه؟!
ولولا الزرقة الشديدة والجحوظ اللذان سيطرا على ملامحه، لكانت قد انصاعت لرغبتها وأخرجت روحه لكنها تركته مرة أخري على الرغم منها، وهي تقول بأعلى ما أوتيت من صوت:
ـ مش عارف زعلانة من إيه !!! إحنا لو فضلنا عالحال ده يبقي مش متجوزين يا ناصح ولو بعد ألف موسم فيضان.. بعدين أنت كده جاي عليا بخسارة..
نظر نحوها في ارتياع وهو يقول بفزع:
ـ والحب اللي بينا يا (تي).. وورق البردي اللي شهد أشواقي وغرامي.. وأسامينا اللي نحتناها على الهرم الأكبر..
اندفعت يدها في هذه اللحظة كالسهم وأغلقت فمه بسرعة عجيبة وهي تتلفت عن اليمين واليسار ثم أتبعت هامسة:
ـ اخرس يا منيل على عينك هتودينا في داهية.. أنت متعرفش أن العجلات الحربية ذات البوكس بتقفش اللي بيعملوا كدا اليومين دول بحجة أنهم بيشوهوا الهرم؟!
انكمش في مكانه وهو يتلفت بدوره عن اليمين واليسار، ثم أعاد النظر إليها قبل أن يستأنف حواره:
ـ طب وأغاني (حتب – درويش) و(سمير أبو الهول) اللي بسمعها من يوم ما اتخطبنا.. كل ده يروح فين؟! يروح بلاش يا (تي)؟!! ده أنا حتى اشتريت شريط (نافا ـ زغلول) الأخير..
ـ قصدك (نافا ـ الصغير)..
ـ مش فاكر بقى.. أهو (نافا) وخلاص، والمهم إني اشتريته عشانك..
ثم أتبع مشيرًا إلى الصورة المرسومة على ردائه:
ـ وكمان شوفي.. اشتريت تي شيرت مرسوم عليه صورة (نان ـ سي معنخ) عشان أبقي فريش زي ما قولتيلي..
ـ اسمها (نان ـ سي خفرع) يا (حور).. بعدين أنا قلت لك تجيب تي شيرت مرسوم عليه صورة (نان ـ سي خفرع) ؟!! أنا؟!!!
ـ مش انتِ قولتيلي أهتم بمظهري شوية يا روحي..
ـ أشوف اسمك مكتوب في كتاب الموتى يا بعيد.. نفسى أفهم هما مخدوكش حرب توحيد القطرين ليه والخيول داستك هناك؟!
ـ ما أنتِ عارفة إن نظري ضعيف..
حملقت فيه بحنق ثم استطردت:
ـ بعدين مين اللي ضحك عليك وقال لك إن الصورة اللي على التي شيرت دي صورة (نان ـ سي خفرع)؟!!
راح يحملق فيها بذهول قائلاً:
ـ أمال مين دي يا (تي)؟!!!
قالت له بغيظ وقد أيقنت من فشل محاولة تغييره:
ـ ده واحد مش واحدة يا منيل على عينك .. دي صورة (هرقليز) الممثل الإغريقي المشهور يا (حور)..
ـ مين؟!!! يعنى البياعين غشوني؟!
ـ وهما هيلاقوا أحسن منك يستغفلوه.. حاكم الرداء يقول في السوق نيني نيني لحد ما ييجي (حور) يشتريني..
ـ يا (تي) مفرقش كتير ممثل إغريقي من مطربة فينيقية.. ثم مين أساسًا (هرقليز) ده يعني!!
ـ كمان عايز تعرف مين (هرقليز).. عشان خاطري يا (حور) مش مهم تعرف هو مين.. متحطش في بالك أنا في عرضك.. أصلي عشان اشرحلك يبقي كلمتين كمان وهتقول على عقلي السلام..
ثم اقتربت منه وقد استعادت بعضًا من هدوئها بأعجوبة قائلة:
ـ قوللي يا (حور) مش أنت بتحبني زي ما بتقول!!
احمر وجهه خجلا وهو يقول:
ـ طب وليه الإحراج ده.. أنتِ عارفه إني بتكسف..
ـ بتحبني ولا لأ يا هباب؟!!
ـ بحبك يا (تي).. وغلاوة خالتك (أم تحتمس) بحبك..
ـ يبقي لازم تعمل حاجة.. لازم تدور على وظيفة كمان..
ـ وظيفة تاني؟!.. ما أنتِ عارفة يا (تي) كده هيبقى اسمها وظيفة رابع .. هو عاد فيه عندي وقت؟!.. أنا بشتغل في المعبد الصبح وآخر النهار تباع على عربة ثيران على خط (طيبة - عزبة النخل).. وبالليل بشتغل حارس أمن في حتحور بلازا.. يعني معدش فيه وقت يا (تي)..
ـ يعني إيه يا (حور)؟!.. كده مش هنعرف نتجوز..
نظر نحوها بذعر شديد قائلا:
ـ بلاش تقولي الكلمه دي يا (تي).. وغلاوة خالتك (أم تحتمـ....)
ـ يادي خالتي (أم تحتمس).. يا بني آدم أنا معنديش خالة بالاسم ده.. ثم ما هي دي الصراحة يا (حور).. ما أنت شايف الحال.. هنجيب هرم منين؟!! وهنشتري عفش إزاي؟!.. ده أنت مرتبك يدوب يكفي تمن المسلة اللي هنحطها قدام البيت.. الظاهر إحنا لازم نفترق يا (حور)..
ـ طب وحبنا ؟!
ـ الكلمة دي مش عايزة اسمعها تاني.. وغلاوة خالتك أنت (أم سنوسرت) لو سمعتك بتقولها تاني لأطين عيشتك.. حب إيه اللي إنت جاي تقول عليه.. أنت لسه عايش في الأوهام دي..
ـ بس أنا معنديش خالة اسمها (أم سنوسرت)..
ـ جرررررررررر !!!
ـ خلاص.. خلاص يا (تي).. بلاش تتعصبي يا حبيبتي.. أنا هقولك على مفاجأة هتعجبك أوي.. أنا جاي مخصوص النهاردة عشان أقولهالك..
ـ وأنت فيه مفاجآت تيجي من وراك وتعجبني؟!.. قول يا أخويا لما نشوف..
ـ في واحد صاحبي قال لي على مساكن أهرامات جديدة.. أي نعم هي سردابين وحجرة دفن، بس أهي حاجة تنفع لحد ما الظروف تتعدل.. وقاللي كمان إنها ممكن تكون مناسبة لنا..
-ـ أنت بتتكلم جد يا (حور)؟!
ـ وغلاوة خالتي (أم سنوسرت) اللي معرفهاش بأتكلم جد.. والمفروض كنت جاي أقول لك علشان نروح سوا نتفرج عليها..
ـ وعمال تقول لي خدي اللوتس وتنده على آتون.. قوم يا واكسني خلينا نروح نشوفها بسرعة.. ء
الزمان: بينما تسلم الشمس أشعتها للمغيب..
التقت أعين (حور) و(تي) في نظرة طويلة.. ثم أشاحت (تي) بوجهها بعيداً عنه في خجل، وتظاهرت بأنها تتابع الشمس الآفلة.. ناولها زهرة " لوتس " يانعة فقربتها من أنفها الدقيق، وتشممت عبيرها ثم ابتسمت..أما هو فقد ضغط يدها في هيام ثم هب من مكانه أمام عينيها فجأة، بشكل أثار ذعرها.. قبل أن يتطلع إلي الشمس فاردًا ذراعيه عن آخرهما صائحًا:
ـ (آآآآتوووون) يا حارس الشمس.. لا تغرب قبل أن تشهد على أن حبي لـ(تي) خالدٌ لا يغرب أبدًا يا (آآآآآآآآتوووووووووو..... آآآتششووو... وووون)..
* * *
المكان: على ضفاف حابي
الزمان: بعد مرور موسم فيضان .. بينما تسلم الشمس أشعتها للمغيب..
تطلع (حور) بهيام شديد نحو (تي).. التي أطرقت برأسها إلى الأرض وقد ضارعت حمرة الخجل في ملامحها حمرة الشفق.. ناولها زهرة " لوتس " يانعة فقربتها من أنفها الدقيق وتشممت عبيرها ثم ابتسمت..
ضغط يدها في هيام وكاد يهب من مكانه متطلعًا إلى الشمس مباشرة، فجذبته علي الفور وقد أدركت نيته ثم قالت بلا تردد:
ـ تعال كلم بابا..
* * *
المكان: على ضفاف حابي..
الزمان: بعد مرور أربعة مواسم فيضان كاملة.. بينما تسلم الشمس أشعتها للمغيب..
تطلع (حور) بهيام شديد نحو (تي) التي تطلعت له في ملل، ثم ضغطت أسنانها في حنق وجاهدت لترسم على ملامحها ابتسامة.. ناولها زهرة " لوتس " يانعة، فتحكمت في أعصابها ببسالة نادرة وقربتها من أنفها الدقيق لتتشمم عبيرها ببطولة..
ضغط يدها في هيام.. وهب من مكانه.. فأمسكت بتلابيبه مزمجرة:
ـ لااااااا.. لحد كدا وكفاية..
ثم ألقت زهرة اللوتس من يدها أرضًا، قائلة في شراسة عجيبة:
ـ وآدي زهرة اللوتس بتاعتك.. لما أشوف إيه أخرتها معاك..
ارتد (حور) للخلف كالمصعوق وهو يتطلع نحوها.. قبل أن يقول ذاهلا:
ـ (تي) !!!! مالك يا حبيبتي؟!!
ـ يا بجاحتك يا أخي.. وأنت خليت فيها (تي)؟! يا أخي حس باللي إحنا فيه.. وبدل ما كل شوية تجيبني هنا وتعمل لي فيها (روم ـ يو) وتسمعني الكلمتين بتوع كل مرة.. حس على دمك وشوف لك صرفة بدل ما أنت قاعد تسبل لي عنيك دي..
عدل منظاره الحجري السميك الذي ارتداه مؤخراً والذي لم يعد يرى إلا من خلفه بصعوبة.. ثم ازدرد لعابه في صعوبة أشد وهو يقول لها:
ـ مالها عينيا؟!.. وبعدين يا (تي) صدقيني هما اللي مسبلين لوحدهم ما أنتِ عارفة إني عندي ارتخاء في الجفن و ما عدتش بشوف أساسًا..
شدت شعرها في غل وهي تصرخ:
ـ يا بني آدم افهم.. افهم.. ولا عايزني أسمعك الإسطوانة كل شوية..
ـ لا يا حياتي أنا حافظها.. تحبي أسمعها؟!.. إحنا لازم نشوف لنا صرفة بسرعة عشان نعرف نتجوز.. الأهرامات غليت والإيجار نار والأسعار في السما و....
ثم ابتسم في فخر مضيفًا:
ـ مش قلتلك حافظها..
ـ يالهوىىىىىىى... يعني أعمل فيك إيه؟!.. أقولك أنا هولع في نفسي.. وليه؟!.. أنا من بكرة هوهب نفسى لكهنة حابي.. أخليهم يرموني فيه عشان أستريح.. ماهو أحسن من إني أموت من الضغط ولا تجيني نوبة عصبية أموت فيها وأبقى رحت بلاش.. أنت شلتني يا راجل شلتنيىىىىىىىىىى..
ـ يا (تي) متعمليش في نفسك كده.. صحتك يا حياتي.. ولا عايزاني أعنس من بعدك لو بعد الشر بعد الشر صابتك الحمى البابلية ولا الحول الفينيقى، ولا جالك العته الآشوري.. ده بالذات منتشر في عيلتكم.. مش هتحمل الصدمة وممكن أنتحر وراكي..
ثم حمل زهرة " اللوتس " مرة أخرى بوداعة شديدة من على الأرض ومد بها يده نحو أنفها قائلا:
ـ خدي يا (تي) شمي زهرة اللوتس دي صدقيني هتهدي علي طول..
تناولتها منه في شراسة مخيفة ثم ألقتها على الأرض مرة أخرى وهي تصرخ:
ـ أنت فاكرني مراهقة معلقها من المعبد الفني الصناعي، وهتضحك عليها بزهرة لوتس.. لا يا أخويا مش أنا اللي تضحك عليها بشمة "لوتس".. وآدي زهرة اللوتس بتاعتك يا جبلة يا للي ما بتحسش..
ثم راحت تدهمها بقدمها في عصبية وهو يتابعها في براءة شديدة، حتى انتهت من سحقها، فمد يده إلى ردائه وأخرج واحدة أخرى..
ـ كده بوظتي الزهرة يا (تي)؟! كويس إنى معايا واحدة تانية..
أحست (تي) أنها على وشك الإصابة بالعته الآشوري بالفعل.. حتى أن يدها كادت تمتد نحو حجر بجانبها لتضربه في رأسه، لكن بقايا عقل لديها استحرمت أن تذهب إلى السجن ويجلدها الكهنة فتضيع حياتها في أبله مثله، حتى أنها قد تراجعت في اللحظة الأخيرة مسيطرة على أعصابها بصعوبة وهي تقول:
ـ يا (حور) يا حبيبي حاول تفهمني.. إحنا بقى لنا قد إيه مخطوبين؟!!
ـ عايزة الصراحة؟!! ولا هتزعلي زي كل مرة وتقولي إني بأكبر سنك قدام الناس؟!!
فقالت وهي تضغط علي أسنانها حتى كادت تحطمها:
ـ لا يا (حور) أنا بتكلم أنا وأنت بس.. يعني مفيش حد هنا.. قول الحقيقة م الآخر..
فقال لها بابتسامة بلهاء:
ـ من موسم الفيضان قبل قبل قبل اللى فات يا (تي).. لما جبتلك " ثور " مهر فاكرة؟!! كانت أيام حلوة.. بس ليه صحيح بتسأليني السؤال ده يا حياتي؟!!
أطبقت على زمارة رقبته فجأة وهي تصرخ من جديد:
ـ وهو موسم الفيضان ده مر بعده كام موسم فيضان؟! وكمان فرحان بالثور اللي جبته.. ده كان من غير قرون وديله مقطوع، والكهنة حذرونا إنه نحس.. قام أبويا حالف ما هو بايت فى البيت يوم واحد ورماه في حابى للتماسيح المقدسة.. ثم التفتت مخاطبة نفسها بغل:
ـوانا اقول اللعنة اللى حطت علينا جت منين ؟!! حتى التماسيح قرفت منه...
قالتها ثم التفتت نحوه مجددا صارخة:
ـ يعني مش فاهم ولا بتستعبط؟!!
خرج صوته متحشرجًا بصعوبة وكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة وهو يقول:
ـ وحياتك يا (تي) ما بستعبط.. كح كح كح كح.. سيبيني يا (تي) همووووووت.. أنا لسه محوشتش مصاريف التحنيط..
ـ أنت لاقي تاكل لما هتتحنط يا عرة الفراعنة.. أنت آخرك تترمي في مقابر الشحاتين..
ـ كح كح كح.. يا (تي).. طب فهمينى.. كح كح كح.. زعلانة من إيه؟!
ولولا الزرقة الشديدة والجحوظ اللذان سيطرا على ملامحه، لكانت قد انصاعت لرغبتها وأخرجت روحه لكنها تركته مرة أخري على الرغم منها، وهي تقول بأعلى ما أوتيت من صوت:
ـ مش عارف زعلانة من إيه !!! إحنا لو فضلنا عالحال ده يبقي مش متجوزين يا ناصح ولو بعد ألف موسم فيضان.. بعدين أنت كده جاي عليا بخسارة..
نظر نحوها في ارتياع وهو يقول بفزع:
ـ والحب اللي بينا يا (تي).. وورق البردي اللي شهد أشواقي وغرامي.. وأسامينا اللي نحتناها على الهرم الأكبر..
اندفعت يدها في هذه اللحظة كالسهم وأغلقت فمه بسرعة عجيبة وهي تتلفت عن اليمين واليسار ثم أتبعت هامسة:
ـ اخرس يا منيل على عينك هتودينا في داهية.. أنت متعرفش أن العجلات الحربية ذات البوكس بتقفش اللي بيعملوا كدا اليومين دول بحجة أنهم بيشوهوا الهرم؟!
انكمش في مكانه وهو يتلفت بدوره عن اليمين واليسار، ثم أعاد النظر إليها قبل أن يستأنف حواره:
ـ طب وأغاني (حتب – درويش) و(سمير أبو الهول) اللي بسمعها من يوم ما اتخطبنا.. كل ده يروح فين؟! يروح بلاش يا (تي)؟!! ده أنا حتى اشتريت شريط (نافا ـ زغلول) الأخير..
ـ قصدك (نافا ـ الصغير)..
ـ مش فاكر بقى.. أهو (نافا) وخلاص، والمهم إني اشتريته عشانك..
ثم أتبع مشيرًا إلى الصورة المرسومة على ردائه:
ـ وكمان شوفي.. اشتريت تي شيرت مرسوم عليه صورة (نان ـ سي معنخ) عشان أبقي فريش زي ما قولتيلي..
ـ اسمها (نان ـ سي خفرع) يا (حور).. بعدين أنا قلت لك تجيب تي شيرت مرسوم عليه صورة (نان ـ سي خفرع) ؟!! أنا؟!!!
ـ مش انتِ قولتيلي أهتم بمظهري شوية يا روحي..
ـ أشوف اسمك مكتوب في كتاب الموتى يا بعيد.. نفسى أفهم هما مخدوكش حرب توحيد القطرين ليه والخيول داستك هناك؟!
ـ ما أنتِ عارفة إن نظري ضعيف..
حملقت فيه بحنق ثم استطردت:
ـ بعدين مين اللي ضحك عليك وقال لك إن الصورة اللي على التي شيرت دي صورة (نان ـ سي خفرع)؟!!
راح يحملق فيها بذهول قائلاً:
ـ أمال مين دي يا (تي)؟!!!
قالت له بغيظ وقد أيقنت من فشل محاولة تغييره:
ـ ده واحد مش واحدة يا منيل على عينك .. دي صورة (هرقليز) الممثل الإغريقي المشهور يا (حور)..
ـ مين؟!!! يعنى البياعين غشوني؟!
ـ وهما هيلاقوا أحسن منك يستغفلوه.. حاكم الرداء يقول في السوق نيني نيني لحد ما ييجي (حور) يشتريني..
ـ يا (تي) مفرقش كتير ممثل إغريقي من مطربة فينيقية.. ثم مين أساسًا (هرقليز) ده يعني!!
ـ كمان عايز تعرف مين (هرقليز).. عشان خاطري يا (حور) مش مهم تعرف هو مين.. متحطش في بالك أنا في عرضك.. أصلي عشان اشرحلك يبقي كلمتين كمان وهتقول على عقلي السلام..
ثم اقتربت منه وقد استعادت بعضًا من هدوئها بأعجوبة قائلة:
ـ قوللي يا (حور) مش أنت بتحبني زي ما بتقول!!
احمر وجهه خجلا وهو يقول:
ـ طب وليه الإحراج ده.. أنتِ عارفه إني بتكسف..
ـ بتحبني ولا لأ يا هباب؟!!
ـ بحبك يا (تي).. وغلاوة خالتك (أم تحتمس) بحبك..
ـ يبقي لازم تعمل حاجة.. لازم تدور على وظيفة كمان..
ـ وظيفة تاني؟!.. ما أنتِ عارفة يا (تي) كده هيبقى اسمها وظيفة رابع .. هو عاد فيه عندي وقت؟!.. أنا بشتغل في المعبد الصبح وآخر النهار تباع على عربة ثيران على خط (طيبة - عزبة النخل).. وبالليل بشتغل حارس أمن في حتحور بلازا.. يعني معدش فيه وقت يا (تي)..
ـ يعني إيه يا (حور)؟!.. كده مش هنعرف نتجوز..
نظر نحوها بذعر شديد قائلا:
ـ بلاش تقولي الكلمه دي يا (تي).. وغلاوة خالتك (أم تحتمـ....)
ـ يادي خالتي (أم تحتمس).. يا بني آدم أنا معنديش خالة بالاسم ده.. ثم ما هي دي الصراحة يا (حور).. ما أنت شايف الحال.. هنجيب هرم منين؟!! وهنشتري عفش إزاي؟!.. ده أنت مرتبك يدوب يكفي تمن المسلة اللي هنحطها قدام البيت.. الظاهر إحنا لازم نفترق يا (حور)..
ـ طب وحبنا ؟!
ـ الكلمة دي مش عايزة اسمعها تاني.. وغلاوة خالتك أنت (أم سنوسرت) لو سمعتك بتقولها تاني لأطين عيشتك.. حب إيه اللي إنت جاي تقول عليه.. أنت لسه عايش في الأوهام دي..
ـ بس أنا معنديش خالة اسمها (أم سنوسرت)..
ـ جرررررررررر !!!
ـ خلاص.. خلاص يا (تي).. بلاش تتعصبي يا حبيبتي.. أنا هقولك على مفاجأة هتعجبك أوي.. أنا جاي مخصوص النهاردة عشان أقولهالك..
ـ وأنت فيه مفاجآت تيجي من وراك وتعجبني؟!.. قول يا أخويا لما نشوف..
ـ في واحد صاحبي قال لي على مساكن أهرامات جديدة.. أي نعم هي سردابين وحجرة دفن، بس أهي حاجة تنفع لحد ما الظروف تتعدل.. وقاللي كمان إنها ممكن تكون مناسبة لنا..
-ـ أنت بتتكلم جد يا (حور)؟!
ـ وغلاوة خالتي (أم سنوسرت) اللي معرفهاش بأتكلم جد.. والمفروض كنت جاي أقول لك علشان نروح سوا نتفرج عليها..
ـ وعمال تقول لي خدي اللوتس وتنده على آتون.. قوم يا واكسني خلينا نروح نشوفها بسرعة.. ء
برعم- اشراف جامد
- عدد المساهمات : 1254
المزاج : جوينت متييييييييييييييين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى